بقلم:الصحفي علي عزبي فريحات
شهدت محافظة عجلون خلال الايام الماضية اندلاع في الحرائق التي اتت على مئات الدونمات وفي مناطق متعددة من المحافظة حيث تسببت في تقليص الغطاء النباتي والحاق الاضرار بالنظام البيئي والطبيعة الخضراء.
وتحتل عجلون أكبر المساحات الحرجية في الأردن مما يجعلها أكثر المناطق تعرضاً للحرائق التي تتسبب في القضاء على كميات كبيرة من الاشجار بسبب سرعة انتشارها بمسافات واسعة وتستمر لعدة ايام وخصوصا ان هناك فئات اصبحت تستثمر الظروف الجوية الطارئة عند ارتفاع درجات الحرارة بالاضافة الى استثمار ايام العطل والمناسبات حيث ينجم من وراء ذلك العديد من المخاطر البيئية والإضرار بالقيم الجمالية والسياحية لتلك المناطق.
ما زالت الاعتداءات المتكررة على الغابات والتي من ابرزها الحرائق والتقطيع الجائر خطر يهدد الثروة الحرجية في بلد يعتبر من الدول الفقيرة بموارده الزراعية الامر الذي يؤدي الى خسائر كبيرة في الاشجار المعمرة و النادرة التي تعتبر قيمة تاريخية وتنموية تحفظ التوازن الطبيعي في البيئة.
و تبلغ نسبة مساحة الغابات حوالي 0.9 % من مجمل مساحة المملكة الا ان هذه الغابات اصبحت تتعرض الى تعديات ارهابية جائرة من خلال تقطيع الاشجار المعمرة والنادرة واضرام الحرائق الى ان اصبحت تفتك بهذه الثروة الوطنية وتلحق خسائر هائلة بالغطاء النباتي.
تعد حرائق الغابات التي اصبحت اغلبها مفتعلة من قبل فئات تقوم بهذه الاعمال الاجرامية بهدف التحطيب لغايات الاتجار باخشابها لاستخدامها لغايات التدفئة من جهة وقيام بعض المجاورين بتقطيع الثروة الحرجية والاعتداء على الاشجار لاستثمار الارض وضمها لقطع الاراضي الخاصة بهم.
ان قلة الوعي والإدراك من قبل الفئة التي تقوم بإشعال النيران في اماكن التنزه في الغابات دون أخـذ الاحتياطات اللازمة امر يحتاج الى تضافر الجهود من قبل كل الجهات المعنية بوضع الخطط اللازمة لتخفيف عملية الاعتداء على الغابات وتتضمن حملات توعوية وتعريفية بمخاطر الاعتداء على الغابات بالاضافة الى وضع اشارات تحذيرية داخل الغابات تدعو لعدم استعمال النيران لوجود الاعشاب الجافة سريعة الاشتعال التي تفتك بمئات الاشجار.
ووفقا للتقديرات العلمية فإن الغابات تحتوي على نصف التنوع الحيوي في العالم حيث يوجد في الغابات الطبيعية تنوع اكثر من اي نظام بيئي اخر فخسارة الغابات نتيجة للتعديات الجائرة التقطيع والحرائق بكافة اشكاله المفتعلة والناتجه عن سوء التصرف يعتبر ذلك كارثة بيئية لما تسببه من القضاء على الانواع الشجرية التي تعتبر من الاشجار النادرة التي يزيد عمرها عن مائة عام ويؤدي الى خروج مواقع الغابات عن الخدمة السياحية اضافة الى الكارثة الاقتصادية لما تشكله الغابات من روافد اقتصادية وطنية ناهيك عن التأثير السلبي على التربة الامر الذي يزيد فرصة ظهور نباتات غريبة لم تكن تتواجد سابقا في المكان نفسه اذ يؤدي الى تغيير نسبي في الغطاء النباتي في الغابة المحترقة.
اصبح المطلوب اتباع اجراءات صارمة من قبل الجهات المعنية الحاكمية والادارية والزراعية والبيئية والجهات الامنية لمنع الاعتداءات على هذه الثروة الحرجية التي تعتبر ثروة وطنية وكذلك العمل على اعادة تاهيل الغابات التي تضررت بسبب الاعتداءات سواء بعمليات الحرق اوالتقطيع الجائر وهذا يتطلب البحث عن الاراضي المتضررة ليتم زراعتها من قبل المواطنين والمؤسسات التنموية المختلفة.
ان الغابات تعتبر رئة الارض الحقيقية وهي اهم احد المصادر الطبيعية التي تقوم بدورها الحيوي على اكمل وجه في امتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون والغازات الضارة الاخرى من الجو واطلاق الاكسجين النقي وفلترة الهواء وترسيب الغبار والاجزاء الضارة ويتطلب ذلك دعوة المؤسسات البيئية والجمعيات الاهلية المتخصصة بالبيئة ان تقيم احتفالاً سنوياً للاحتفال بالغابة للتذكير بأهمية هذا المرفق الحيوي للانسان والحيوان وخصوصا ان الانسان اصبح يسير في طريق تدمير دون تعويضها بغابات جديدة عن طريق التشجير.
جهود كبيرة تبذلها الجهات المعنية للحفاظ على الثروة الحرجية و الغابات في محافظة عجلون على الرغم من صعوبة التضاريس وطبيعة المحافظة التي تحتاج الى دعم في الامكانات لمساندة هذه الجهات لحماية الطبيعة والبيئة .
نعم الغابة هي الرئة التي تتنفس بها الارض وتحافظ على صحة ارضنا فلماذا ندمــرها بدلا من الحفاظ عليها وتثمينها.
رئيس جمعية البيئة الاردنية
مؤسس مبادرة اعلاميون بيئيون .