غزة تشرب مياه البحر
بدأ تنفيذ مشروع إنشاء محطة لتحلية مياه البحر في مدينة غزة. وسيتم في المرحلة الأولى بناء خزان مياه في منطقة الشيخ رضوان شمال القطاع سعته 5000 متر مكعب، يتوقع انجازه في آذار (مارس) 2016. وتم تأمين التمويل اللازم لإنشاء خط النقل، من الحكومة الكويتية بكلفة تصل إلى 60 مليون دولار. والمساعي مستمرة في البحث عن تمويل المراحل الأخرى لإنشاء المحطة وتشغيلها.
وسوف تنتج المحطة 10,000 متر مكعب من المياه المحلاة يومياً، تُخلط بمياه آبار البلدية في الخزان وتوزع على السكان.
ghaza water
صهريج لمياه الشرب ترسله منظمة خيرية بشكل دوري لتزويد خزانات عامة في أحياء غزة الفقيرة
ووصف مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل المهندس منذر شبلاق مشروع محطة التحلية بالإنجاز الكبير، موضحاً أنها ستشكل مصدراً هاماً للمياه الصالحة للاستخدام لأكثر من 250 ألف نسمة في مدينة غزة. وأضاف أن أهمية المشروع تنطلق من معاناة سكان المدينة من شح المياه وشدة ملوحتها، كما سيساهم في المحافظة على مياه الخزان الجوفي والتخفيف من حدة أزمة المياه التي تتفاقم مع تزايد عدد السكان.
جدير بالذكر أنه، بسبب النقص الحاد في معالجة مياه الصرف الصحي في قطاع غزة، يتم ضخ نحو 90 ألف متر مكعب يومياً من مياه الصرف غير المعالجة أو المعالجة جزئياً إلى البحر في مناطق مختلفة من شاطىء القطاع. وترشح كمية مماثلة عبر التربة وصولاً إلى الحوض المائي الجوفي من خلال أكثر من 30 ألف حفرة امتصاصية. وهذا مصدر كبير لتلوث مياه البحر والمياه الجوفية.
وذكر تقرير للأمم المتحدة قبل أشهر أن قطاع غزة، الذي يقطنه أكثر من مليون و750 ألف نسمة، يواجه أزمة مياه متفاقمة قد تجعله غير صالح للعيش خلال سنوات معدودة. وأضاف أن المياه الجوفية، التي تعد المصدر الوحيد الصالح للشرب في القطاع، ستكون غير قابلة للاستخدام سنة 2016.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن «أكثر من 95 في المئة من مياه قطاع غزة لا تنطبق عليها معايير منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب. ولا تزيد حصة الفرد من المياه على 90 ليتراً يومياً للاستعمالات الشخصية والمنزلية، أي أقل من الحد الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية وهو 100 ليتر يومياً للفرد».
وكان مسؤول تنسيق المشاريع في سلطة المياه الفلسطينية مروان البردويل أعلن عام 2014 أن تباطؤ تنفيذ مشاريع تحلية المياه في قطاع غزة «سيقود إلى كارثة شاملة». فثمة عقبات تتعلق بنقص التمويل من الجهات المانحة، وأزمة الطاقة المتفاقمة، وإغلاق معابر قطاع غزة، ومنع إسرائيل إدخال مواد البناء والمعدات اللازمة، فضلاً عن استمرار الانقسام الداخلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة ما يشوش على التنسيق لتنفيذ المشاريع.
وأشار البردويل إلى أن الضخ بكميات هائلة على مدار العشرين عاماً الماضية استنزف المياه الجوفية في غزة، ما أدى إلى اندفاع مياه البحر نحو الخزان الجوفي، فازدادت ملوحته إلى حد جعله غير صالح للاستخدام البشري. وأضاف: «الخزان الجوفي ملوث لدرجة أننا لو أخذنا معايير منظمة الصحة العالمية فهو ملوث بخمسة أضعافها نتيجة تسرب الأملاح الزائدة ونسبة النيترات في المياه».
وقد أجرت سلطة المياه الفلسطينية دراسات بشأن الحلول البديلة لهذه الأزمة. وخلصت إلى أن الخيار المتاح والأكثر ديمومة في قطاع غزة الساحلي هو اللجوء إلى تحلية مياه البحر. وذلك على مرحلتين: الأولى بالاتفاق على إنشاء ثلاث محطات صغيرة للتحلية كحل عاجل، في دير البلح ورفح ـ خان يونس ومدينة غزة، بحيث تخلط المياه المحلاة مع جزء من المياه الجوفية بغرض الوصول إلى نوعية مياه تتلاءم مع معايير منظمة الصحة العالمية. وفي المدى البعيد يتم إنشاء محطة تحلية مركزية تخدم إجمالي قطاع غزة بكلفة تصل إلى 455 مليون دولار.
وهذا يرفع حصة الفرد من المياه إلى 120 ليتراً يومياً ويحد من تلوث الخزان الجوفي واستنزافه.