عبر تقنية مغنطة المياه.. مزارعو غزة يتحدّون ملوحة المياه
“التفكير خارج الصندوق” عبارة لطالما رددها المزارع مدحت صبح وزميله ضياء أبو رجيله لسنوات عديدة، فمشكلة ارتفاع نسبة ملوحة المياه، وقفت عائقًا شرسًا أمام الاستمرار في زراعة أراضيهما الواقعة بالمناطق الشرقية في جنوب قطاع غزة.
دافعٌ كبير نحو إيجادٍ مخرج لهذه المعضلة، قادتهما أخيرًا وبدعم من “حاضنة الابتكار وريادة الأعمال” التابعة لمركز العمل التنموي/ معًا، إلى فكرة التقنية المغناطيسية في معالجة وتحلية المياه، والتي نبعت من الحاجة الماسة إلى إحياء الأرض من جديد، وزراعة محاصيل باتت تختفي معالمها من شرق القطاع، كالخيار وغيره.
وأشرفت حاضنة الابتكار، المدعومة من مؤسسة المساعدات الدنماركية “DanChurchAid” بشكل مباشر على متابعة سير العمل في هذا النظام المغناطيسي.
والنظام المغناطيسي كما يؤكد خبراء بيئيون حول العالم، له دور كبير ومهم في علاج الملوحة وهناك عدد كبير من التجارب والبحوث العلمية التي أجريت على المستويين العالمي والمحلي، أثبتت جدوى وأهمية هذه الطريقة العلاجية وقدرة الماء الممغنط على خاصية الذوبان وتفتيت الأملاح.
ويقول المزارع أبو رجيلة (29 عامًا): “الكثير من المزروعات لم تعد تجد طريقها في الأراضي الزراعية جنوب قطاع غزة، وتحديدًا في منطقة خزاعة”.
ويعزو ذلك إلى ارتفاع نسبة الملوحة التي تجاوزت الـ3000 ملغرام/لتر في الآبار الكبيرة، بينما تجاوزت الـ2000 ملغم/لتر في الآبار المتوسطة.
ويصف ذلك بالإشكالية الكبيرة أمام المزارعين، والتي من شأنها أن تقضي على الرقعة الزراعية وتزيد من تصحر الأراضي في قطاع غزة ذي الشريط الساحلي الضيق.
ويشير خلال حديثه لمجلة “آفاق البيئة والتنمية”، إلى أنه وغيره من المزارعين تكبدوا كثيراً من الخسائر لاسيما أنه وفي حال نجحت عملية الزراعة في وسط مائي طبيعي (عالي الملوحة)، فإن المحصول وبسبب المياه لا يتجاوز الـ50% مما هو متوقع، ما دفع العديد من المزارعين إلى العزوف عن زراعة الأرض. ويقول: “من هنا جاءت لدينا فكرة التقنية المغناطيسية في معالجة وتحلية المياه”.
من جانبه، يقول المزارع صبح (30 عامًا)، إن ملوحة مياه الري خفضت إنتاج المحاصيل المزروعة في أرضه إلى أكثر من النصف، بيد أن جهاز مغنطة المياه ضاعف حجم الإنتاج، وهو ما أكدته تجربة نُفذت بإشراف كامل من مركز معا.
وعن تلك التجربة يؤكد صبح وجود إجماع من المزارعين على أنها تجربة العام، وتعد من أنجح المشاريع المنفذة في إنقاذ المحاصيل الزراعية وتخفيف ملوحة المياه، حيث زاد النمو الخضري “الطول” للأشتال التي رويت عبر جهاز مغنطة المياه ما نسبته 50%، كما يقول.
ويبدو هذا المزارع متحمساً لزراعة العديد من المحاصيل المختلفة، لاسيما بعد أن وفر له مركز معا، هذا الجهاز، واطلع على تفاصيل التجربة بنجاح.
وعن مشاريعه القادمة، يفصح بنيته زراعة البازيلاء والشمام والطماطم، في مطلع شهر أيلول/ سبتمبر القادم.
وينوه إلى أنه وزميله أبو رجيلة قد تلقيا تدريبًا مكثفًا من قبل مركز معا مكّنهما من التفكير في مشاريع ذات جدوى، ومنها التجربة التي جرى تنفيذها ولاقت رواجًا وقبولًا كبيرًا، بحسب تعبيره.