فصل النفايات وتوليد الطاقة على الطريقة الألمانية
الكاتب: هبة أصلان
حاويات فصل النفايات أمام إحدى العمارات السكنية في برلين
أقمت في ألمانيا لمدة ستة أشهر، كصحفية متدربة في واحدة من أكبر وسائل الإعلام الألمانية، وخضت تجربة فريدة من نوعها مهنياً وعملياً، فالحياة في أوروبا مختلفة في عمومياتها وتفاصيلها، في تجارب الناس، في الشارع، في الحديقة، في سوق الميلاد، داخل المراكز التجارية وفي محطة القطار،هذه حقيقة.
محطتي الأولى في ألمانيا، كانت مدينة فرانكفورت أو مدينة ناطحات السحاب، المدينة الاقتصادية الواقعة في وسط غرب ألمانيا. قبل هبوط الطائرة شدني منظر المساحات الخضراء، مما جعل مشاهدة الشوارع والبيوت يكاد صعباً، ظننت أنها غابات قريبة من المطار، لكن الحقيقة أنها المدينة ذاتها التي سأقضي فيها شهرين من الزمن. أتذكر أن الصيف هناك كان مزعجاً، فالرطوبة عالية جداً، تغيب الشمس بعد الساعة العاشرة بتوقيت القدس، لكنهم هناك لا يتعاملون مع المكيفات الهوائية، أمر مستغرب في دول متقدمة جداً لكنهم مستمتعون جداً بهذا الحر، كيف لا ودرجة الحرارة شتاء تصل إلى عشرين تحت الصفر، لكن هذه الخضرة وهذه الأشجار كانت الملاذ الوحيد للحصول على القليل من الهواء المنعش.
فصل النفايات في الأحياء السكنية ببرلين
أولى الملاحظات البيئية
ملاحظاتي البيئية تركزت على أمرين مهمين، نفتقدهما في بلادنا، أولهما طريقة التخلص من القوارير والثانية طرق فصل النفايات. في أحد الأيام قصدت السوبرماركت، وبالقرب من المدخل كان هناك طابورٌ من الأشخاص، يحملون أكياساً قد ملؤوها بالقوارير البلاستيكية والزجاجية الفارغة، أمامهم ماكينة كبيرة ذات فتحة في المنتصف، يقومون بوضع القوارير داخلها لتبتلعها، ومن ثم تخرج لهم فاتورة بقيمة المبلغ الذي حصلوا عليه بدل هذه الزجاجات.
خضت التجربة مثلهم، فهذه طريقة ممتازة لإعادة التدوير يقوم بها السكان هنا، لا داعي لإلقاء القوارير في حاويات القمامة، بالرغم من وجود حاويات مخصصة لها أيضاً، فالدولة هنا تشجع مواطنيها على مساعدتها في إنجاح خطتها البيئية، وبالفعل حصلت على الفاتورة التي يمكن أن أسترد قيمتها نقداً، أو أشتري بنفس القيمة ما أحتاجه من مواد تموينية، وكانت أقل قيمة يمكن استردادها لقاء كل قارورة هي 25 سنتاً.
كيف تتخلص من النفايات في ألمانيا؟
المتجول في الشوارع الألمانية، في محطات القطارات، داخل المطار، الحدائق وفي كل مكان، يلاحظ وجود عدة حاويات للمهملات بألوان مختلفة، والسؤال لماذا هناك عدة ألوان؟
علمت أن ألوان الحاويات قد تختلف من مدينة لأخرى، لكن في محطتي الألمانية الثانية في برلين، كان هناك حاويات ذات لون أزرق مخصصة للأوراق والكرتون، وأخرى بُنيّة للقمامة العضوية ذات المصدر النباتي أو الحيواني مثل مخلفات الطعام من خضار وفواكة، أما الحاوية السوداء فتُخصص لقمامة المنزل المختلفة، هذا وتخصص البلديات حاويات للزجاج سواء الملون أو الشفاف.
أما المهملات الخطرة بيئياً مثل المواد الكيميائية وزيت السيارات فيتم التخلص منها في أماكن معينة توفرها غالباً مراكز بيع هذه المواد، وكذلك الأدوية منتهية الصلاحية يمكن لأصحابها إلقاءها في أماكن مخصصة أو إعادتها إلى الصيدليات. وفي حالة رغب أحدهم بتغيير أثاث منزله أو التخلص منه، فالأمر سهل ويكمن في التواصل مع احد أقسام البلدية لأخذها، حيث تمنح الدولة كل بيت مرة مجانية في السنة.
عن تجربته مع فصل النفايات يقول الزميل الصحفي زاهي علاوي، والمقيم في ألمانيا منذ 17 عاماً: “كانت فكرة فصل النفايات جديدة بالنسبة لي، لكن سرعان ما تحولت إلى أمر طبيعي، فصناديق فصل النفايات موجودة في كل منزل، إحداها لبقايا الطعام، وآخر للمواد البلاستيكية وثالث للأوراق، أما الزجاج فنقوم بتجميعه في المخزن، هذا بالإضافة إلى حاويات النفايات أمام العمارات السكنية”.